بعد مرور 17 عاماً من البحث عنها
العثور على عيون "شربات" في باكستان
"شربات جولا" اسم قد لا يعرفه إلا عدد محدود من البشر القاطنون على وجه هذه الأرض المترامية الأطراف، هي امرأة
افغانية من قبيلة البشتون وليست من عارضات الأزياء وممثلات هوليوود الفاتنات، عيونها خضراء كلون الربيع على مروج
أفغانستان، ولهذه العيون قصةامتدت لمدة 17 عاماً كانت تعرف فيها شربات باسم "الفتاة الأفغانية" بين جميع موظفي
ناشيونال جرافيك الشهيرة فلا أحد منهم يعلم اسمها الحقيقي ولا حتى المصور الذي التقط لها صورة قبل عقدين من الزمان تقريبا.
قصة "شربات جولا" بدأت عندما ذهب أحد مصوري ناشيونال جرافيك ويدعى "مكوري" إلى باكستان قبل 17 عاماً
في رحلة عمل وخلال تلك الرحلة صادف في أحد مخيمات اللاجئين الأفغان في شمال باكستان فتاة عمرها 6 سنوات قتل
السوفيت أبويها أثناء رميهم القنابل على قريتهم وفي ليلة ظلماء حالكة السواد توارى أبواها تحت أكوام التراب.. ويقول مكوري
ان هذه الفتاة قاست حياة صعبة كما كانت سنوات أفغانستان الثلاث والعشرون صعبة أيضاً فلقد قتل 5 ،1 مليون شخص
وتم تشريد 5 ،3 ملايين خلال هذه السنوات من حياة الدولة الفقيرة.
عاد "مكوري" لباكستان بحثاً عن "أم العيون الخضراء" وهب لمخيمات اللاجئين الأفغان كما فعل في التحقيق الذي نشرته ناشيونال
جرافيك وتصدرت غلافه صورة "شربات جولا" عام 1985م ذكر كثير من الأفغان أنه لا توجد عائلة أفغانية لم تكتو بنار الحروب، وقال
الأخ الأكبر لشربات ويدعى كاشير خان إنهم تركوا أفغانستان وسكنهم بسبب الحروب القائمة هناك.. وأضاف: إن الروس
كانوا في كل مكان وكانوا يقتلون الناس جميعاً بدون تفرقة. فلقد اخذتهم جدتهم هو وأخواته الأربع ومشوا على
الأرجل إلى باكستان في أحد مخيمات اللاجئين ذلك الوقت. وفي المخيم بدأ مكوري بحثه عن "شربات جولا" رغم معرفته بصعوبة
العثور عليها بعد كل هذه السنوات وشاهد عدداً من الفتيات اللاتي يملكن عيوناً خضراء شبيهة بتلك التي تملكها
"شربات جولا" ولكن يقول "مكوري": لم تكن ولا واحدة منهن. وفجأة يرى أحد اللاجئين الأفغان صورة شربات في يد مكوري
ويقول إنه يعرفها فقد كانا يلعبان في نفس المخيم في الماضي عندما كانوا أطفالاً.. وأضاف انه يعلم أين تعيش الآن، استغرقت
رحلة جلب شربات من أحد الجبال القريبة من منطقة جبالاً "تورا بورا" الشهيرة حوالي 3 أيام قطع فيها المسافرون جبالاً تعت
بر مهلكة ومات فيها العديد من اللاجئين أثناء هربهم من ويلات الحرب في أفغانستان إلى مخيمات اللاجئين في باكستان.
وعندما حضرت "شربات" للمخيم ورآها "مكوري" وعرف أنها هي على الفور. فلعيونها قوة يعرفها "مكوري" جيداً وها
هي نفس النظرة التي رآها قبل 17 عاماً يراها الآن.
في أوساط التسعينات وخلال الحرب المستعرة بين الأطراف الأفغانية المتحاربة عادت شربات جولا لموطنها الأصلي ولقريتها في
رحلة على الأرجل اجتازت فيها جبال أفغانستان المغطاه بالثلوج. تبدأ حياة شربات بروتين يومي فهي تستيقظ من النوم
قبل طلوع الشمس لتصلي الفجر وبعدها تذهب للجدول لاحضار الماء ومن ثم تبدأ دورة الحياة اليومية من طبخ
وتنظيف وخلافه، ولكن أهم محطات حياتها هو يوم زواجها كما يقول أخوها وقد يكون أول يوم تفرح فيه في حياتها. ويتمركز
اهتمامها الآن على العناية باطفالها وهم روبينا 13 سنة وزهيدة 3 سنوات وعلياء سنة واحدة، أما البنت الرابعة فقد ماتت في المهد
وتزوجت شربات عندما كانت في الثالثة عشرة من عمرها ولكن زوجها يرفض ويقول إنها كانت في السادسة عشرة
وهو يعمل في البناء وفي بشاور يعمل خبازا ًفي أحد محلات بيع وتصنيع الخبز وترتدي شربات البوركا الملونة
والتي تخفيها عن أنظار أي رجل آخر ما عدا زوجها وتقول شربات "البوركا شيء جميل واستمتع بارتدائها"
تستطيع شربات كتابة اسمها ولكنها لا تستطيع القراءة وتتمنى أن يتمكن أطفالها من الحصول على تعليم جيد
يقول مكوري أنه نظراً للتعاليم الدينية المحافظة لدى الأفغان فانه لا يجب للمرأة ان تنظر أو حتى تبتسم لرجل غريب غير
زوجها ولهذا السبب فإنه لم ير شربات جولا مبتسمة أبداً ودائماً ما كانت نظراتها على الأرض
فهي لا تعرف قوة عيونها.....!!!