حين تتساقط الأمطار
وتملأ رائحة التراب المكان
وأرتجف بردا
وأرتجف شوقا
وأرتجف رعبا
ويشتد حولي الشتاء..
سأفتقدك جدا..
حين يشتد خريف العمر
وتذبل أوراق أيامي
وتتساقط أسناني
وأسير على ثلاث
وتغزو ضفائري الثلوج البيضاء..
سأفتقدك جدا..
حين يأتي الليل بلا صوتك
وبلا طيفك
وبلا دفئك
وأبحث عنك في رداء القمر
وأغفو كالقطة الجريحة فوق صدر المساء..
سأفتقدك جدا..
حين يمد لي أحدهم ذراعيه
وينتشلني من ابحر احزاني
ويمنحني اجنحه جديده ودماء جديده
وحياة جديدة
ويسأل قلبي عنك بخجل
وتحن إليك في عروقي الدماء..
سأفتقدك جدا..
حين أتناول طعامي
ولا تكون في المقعد المقابل
ولا المقعد المجاور
ولا المقعد القريب
ولا البعيد
وأجلس وحيدة
تحاصرني عيون الأشقياء..
سأفتقدك جدا..
حين أردد أمامهم كاذبة
أني نسيتك
وأن أمرك ما عاد يعنيني
وأن فراقك ما عاد يشقيني
وأني لا أعود في المساء
كالطفلة الموءودة إلى سريري
وأبكيك في الخفاء..
سأفتقدك جدا..
حين أسير فوق شاطئ البحر
وأرسم وجهك فوق طائرات الورق
وأعبث برمال الشواطئ
وأبحر وحيدة إلى مدن العشق
وأطارد طيفك كالمجنونة فوق الماء..
سأفتقدك جدا..
حين أعترف بيني وبين نفسي
بأن الرسائل التي أحرقتها أحرقتني
وبأن الهدايا التي كسرتها كسرتني
وبأن البقايا التي قتلتها قتلتني
وبأن مشانق النسيان التي أعددتها لك
وحدي أنتهي تحتها في المساء..
سأفتقدك جدا..
حين تحدثني عنك أخرى
وتسرد حكاية شوقك لعينيها
وأشم عطرك في يديها
وتتفجر كل المتناقضات بداخلي
فأشتاقك أكثر
وأرفضك أكثر
وأحبك بلا حدود
وأكرهك بلا انتهاء..
سأفتقدك جدا..
حين يسألني عنك قلبي وأصمت
ويسألني عنك عقلي وأصمت
ويسألني عنك ليلي وأصمت
ويسألني عنك جداري وأصمت
ويسألني عنك هاتفي وأصمت
وأتحول إلى قالب من الثلج
يقتات الصمت بكبرياء..
سأفتقدك جدا..
حين أكتشف أنك الرجل الوحيد
الذي أثار جنوني
وأثار غيرتي
ومنحني قدرة على الحب
وشيد لي مدينة من الثلج
فوق خط الاستواء..
سأفتقدك جدا
حين أتذكر أني امرأة أنانية
اخترت الرحيل رغما عنك
وفتحت أبوابنا لرياح الفراق رغما عنك
وفرضت على قلبك نهاية مؤلمة
وغادرتك بهدوء.. كأحلام المساء..
سأفتقدك جدا..
حين أقف أمام المرآة
وأسألها من الأجمل في عالمك
فتخبرني أنك عشت بعدي ألف حكاية حب
وكتبت بعدي ألف قصيدة حب
وعشقت بعدي ألف امرأة حسناء
وأنك ما زلت تبحث عني بين النساء..